سرقة البدون‏ : بقلم طالب شلاش

[احمد الشمري]

لا أحب كلمة بدون ولا حتى غير محدد الجنسية ولا أجدها مناسبة ، لأني أعتقد جازماً بأنه لا يوجد إنسان لا يتبع جنسية دولة ما ، وإن كان هناك من لا يملك جنسية بلد مثل الكويت عاش فيها أجداده وعملوا في شركة نفط الكويت أو المستشفى الأمريكي آنذاك أو المستشفى الأميري وغيرها من الأماكن التي عملوا فيها بالخمسينيات من القرن الماضي فلا يحزن بأنه لم يحصل على الجنسية الكويتية لأن العيب ليس فيه أو بمواطنته ككويتي ولكن العيب في القوانين والتشريعات التي أهدرت حقوق البعض بقصد أو بغيره ، إلا إذا كان يحمل جنسية بلد آخر وهنا أقول من يصبر طوال هذه الفترة وهو بدون هوية وكذلك يحمل جنسية بلد آخر فـحتماً موقعه الطب النفسي وليس المجتمع الكويتي ، وبالرغم من كل المعاناة التي يعانيها البدون من عدم حصولهم على ما يثبت هويتهم ويسمح لهم بالدراسة والعمل والزواج بحرية كأعمامهم وأخوالهم بل وبعض الحالات كآبائهم لمجرد أنهم لم يضافوا لملف الجنسية بغفلة من الزمن رغم كل ما يعانون نجد البعض منهم كافح واجتهد وعمل بأشق المهن وتعلم على حسابه أو عن طريق والدته الكويتية ووصل إلى أعلى وأرفع المهن ألا وهي مهنة التعليم ، ونقول للكثير منهم أحسنتم الصنيع فأنتم معلمون كويتيون لا ينقصكم سوى بعض الأوراق الغالية على قلوبكم ونعلم ، كما هي غالية على قلوبنا وهي الإثبات بأنكم كويتيون بالتجنس لهذا البلد الطيب بلدكم الذي عشتوا فيه وستعيشون فيه للأبد إنشاء الله ، كل ما سبق ذكره هو معروف للصغير قبل الكبير وليس فيه من الجديد من شئ ولكن منذ عامين قام وزير التربية الدكتور نايف الحجرف بتعيين عدد لا بأس به من المعلمين والمعلمات البدون كما يحلو للبعض تسميتهم ، ونشكر الوزير على خطوته الرائدة بمجال تكويت التعليم والحفاظ على هوية الطالب الكويتي ولغته ونقول لك أنت رجل شجاع نحب فيك شجاعتك وحرصك على هوية بلدك رغم كل ما يعترض طريقك، وبشهادتي وشهادة الجسم التربوي كافة بأن أولائك المعلمون أذهلونا بتفانيهم بالعمل وحرصهم على إعطاء أفضل النتائج ولم يشترطوا أي شروط على صعيد شخصي أو غيره ، وأيضاً لا جديد في هذا لأن كل التربويين يعرفون هذا وبعض الكويتيين ، في هذه الأثناء برز دور إنساني وجميل لوزارة التربية تطالب فيه ديوان الخدمة المدنية مضاعفة رواتب الهيئة التعليمية لكافة المعلمين الأجانب ١٠٠٪ وليس الربع أو النصف بل الضعف وكان رد الديوان أنه يستغرب مثل هذا الطلب ، ولكن أصرت الوزارة بأنه طلب مستحق وملِح تماماً ولن تستسلم الوزارة حتى تنجح بزيادة تلك الرواتب لكافة معلميها الأجانب ، ولأسباب كثيرة أهمها الغلاء المعيشي ومشقة المهنة والتي من شأنها بناء الفرد الكويتي وغلاء الإيجارات التي أصبحت تلتهم دخل المعلم ، وأنا من مؤيدي الوزارة حتى الآن ، ولكن ما لا يعرفه الشعب الكويتي كافة بأن المعم البدون لم يكن ضمن ذلك الطلب ولم يتأثر بغلاء المعيشة فهو آلة لا تأكل ولا تلبس ولا تهمه مشقة المهنة فهو ربوت لا حدود لطاقته ويفترش الشارع وليس بحاجة للسكن ، فعمدت جهة معينة لسرقة راتبه وجعلته نصف راتب المعلم الأجنبي قبل الزيادة المطلوبة لهم وعلى بند المكافأة أي لا يستحق رواتب العطلة الصيفية وفوق هذا كله يقولون سننظر بصرف مكافأة المعلم البدون ونستعجل بصرفها بعد شهرين أو ثلاثة ! بالله عليكم هل يعقل هذا في بلد تتدعي العدل والمساواة ؟ أين المسئولين عن تحديد الرواتب والأجور من هؤلاء المساكين ؟ أليس المعلم البدون يصرف راتبه بالكويت لأن ليس له سوى الكويت هل يستطيع المعلم البدون أن يحوّل راتبه للبلد التي يحوّل لها المعلم الوافد راتبه وأكثر من راتبه من دخله الثاني الذي تعرفون ؟ لماذا لا يتم معاملة المعلم البدون كمعاملة الكويتي أصلا والذي يتحدث مثله ويلبس مثله بل ويشعر أنه مواطن تماماً مثله ؟ أنتم لم تعاملوا المعلم البدون حتى مثل الوافد الذي سيرمي العقد بوجوهكم ويذهب لأي دولة مجاورة بحال دفعت له أكثر ، لن أقول لكم إلاجملة واحدة تغني عن كل ما سيقال نحن لا نرضي بظلم أشقاء لنا أسميتموهم بدون فتأكدوا بأن الله خالقنا وخالقهم لن يرضى بما تفعلون .