فارس العذم
09-14-2014, 05:26 AM
http://alkhaleejaffairs.com/uploads/writer/%D8%B3%D8%A7%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86% D9%8A%D8%B9%D9%891.jpg
بقلم : ساير المنيعى
لقد كرّم الله عز وجل البشر منذ أن خلقهم؛فقد قال تعالى في سورة الإسراء:{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } (70)
بهذه الآية الكريمة أراد الله عز وجل أن يعلّم بني البشر كيف يتعاملون مع بعضهم البعض،وكيف ينظرون لبعضهم من منظور الكرامة الإنسانية وأنه تعالى قد كرّم هذا الإنسان فيجب أن يعيش كريماً كما خلقه الله لا أن تمتهن كرامته،وتصادر حقوقه الإنسانية تحت ذرائع،وقوانين وضعية ما أنزل الله بها من سلطان.
والمتتبع لأحوال البشر في كثير من الدول العربية يجد أن الكرامة الإنسانية من الأمور الثانوية في منظور كثير من حكومات هذه الدول،ولست بصدد الحديث عن حقوق الإنسان في الوطن العربي بشكل عام لأنها تحتاج .. وتحتاج ..وتحتاج .. للكثير ...!!
ولكنني سأتحدث هنا عن فئة ظُلِمَتْ كثيراً في أوطانها، وصُدِرت حقوقها الوطنية بأسباب عديدة،وبذرائع شتى بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة،وإنما لأهدافٍ "خاصة" تخدم فئة "خاصة" في المجتمع.
هذه الفئة التي ظُلِمَت وَسُمِيت ظلماً "البدون"؛هم فئة من أبناء هذا المجتمع العربي بل ومن أبناء الوطن الذي أطلق عليهم لقب "بدون" ولكنهم لأسبابٍ مختلفة لم يحصلوا على جنسية وطنهم؛بعضها خارجاً عن إرادتهم،والبعض الآخر بسبب جهل آبائهم وأجدادهم بأهمية هذه الجنسية التي لم يكن لها ذلك الأثر الكبير في حياة أبناء الصحراء وأبناء باديتها الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من أبناء هذه الفئة؛فالبدوي في ذلك الزمن لم يدرك أهمية هذه الورقة لأنه كان ينظر لوطنه من منظور أكبر بكثير من هذا المنظور الضيق للوطنية في أيامنا هذه..!!! فقد كان يرى الارتباط بالوطن ضاربةً جذوره في أعماق قلبه،كان ينظر للوطن بأنه التراب الذي ولد عليه والذي يفتديه بروحه والذي سيحوي جثمانه بعد أن يقدّم روحه فداءً لتراب هذا الوطن،كان ولايزال يرى الوطن أمه وأباه، ويتعامل معه على أنه ابنه المدلل الذي يلبي كل مايريد بمجرد إشارة من عينيه والذي تكون رغباته أوامر لاتقبل إلا التنفيذ فلم يهتم بهذه الورقة،ولم يلقِ لها بالاً؛لأنه يرى أن ارتباطه بوطنه أكبر من أوراق الكون بأسره.
"البدون".. ياسادة ..ليسوا نبتاً نبت من باطن الأرض، وليسوا مخلوقات من كواكب أخرى غزو الأرض فكان نصيب الوطن العربي جزءاً من هؤلاء الغزاة،وليسوا عالة على مجتمعاتهم،وإنما هم من أبناء هذا الوطن حرمتهم ظروفهم من التمتع بحقهم الشرعي في وطنهم.
ولو حاولنا أن نتعرف أكثر على أوضاع هؤلاء البدون وأحوالهم،وأن نقترب من عالمهم لنرى بعضاً من الحقائق التي لايظهرها المبهرجون والمتزلفون للحكومات؛ لوجدنا أن هذه الأوضاع لايمكن أن يفيها مقال أو تحويها أسطر .. ولاحتى مجلدات..ويمكن أن تُكتَب عنها قصص،وروايات..فكل واحد منهم رواية بحد ذاتها..ولو فكر كتّاب الروايات بطرق هذا الباب لوجدوا من الروايات مايحقق لهم أعظم الجوائز.
"البدون"..ياسادة..بشر مثل باقي البشر من حقهم أن يعيشوا في هذه الحياة عيشة كريمة تضمن لهم - على الأقل- الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية؛من الحصول على إثبات الشخصية،وشهادات الميلاد لأبنائهم،وجواز السفر،وحق الدراسة،والعمل،...،...،... .
"البدون".. ياسادة..لم يكونوا يوماً في معزل عن مجتمعاتهم،ولم يكونوا يوماً بمنأى عن قضايا وطنهم العربي الكبير بل كانوا قلباً وقالباً مع هذا الوطن بأتراحه قبل أفراحه؛وقد خاضوا كل الحروب التي مرت على العرب؛فشاركوا في حربي سوريا ومصر،وشاركوا في تحرير الكويت..فقدموا الشهداء والأسرى،وشاركونا في كل شؤون حياتنا فهم جزء لايتجزأ من هذا المجتمع بل إنهم أبناؤه ..
فكيف يُعَد " بدون" من كان يحمل هم ثروتنا الحيوانية ويعيش في صحراء بلاده،أو يحمي ثرواتنا البحرية ويعيش في مراكب بلاده فوق مياهه،فترك راحلته وترك سفينته وانخرط في وظائف الدولة قبل أن تنال "استقلالها" وقبل أن يطلق عليها مسمى دولة في المفهوم الحديث للدول،وبعد استقلالها وتكوين الجيش والأمن الداخلي انخرط فيهما خدمة لدينه ثم لوطنه وهو في ريعان شبابه،ومن ثم تزوج ورزقه الله بأبناء قدمهم لخدمة الوطن بعد بلغوا السن القانونية فمازالوا يخدمون بلدهم الذي حرموا من حمل اسمه،وتزوجوا ورزقوا بأبناء وصلوا لسن الزواج ومازالوا يسمون "بدون" وهم الجيل الرابع..!!!
هل يعقل أن الجد مواليد هذا البلد وابنه مواليد البلد وحفيده ولد على هذه الأرض وابن الحفيد .. مازال يسمى "بدون".. ؟!!
إذا كان الجيل الرابع لم يستحق أن يحمل اسم وطنه، وحرم من جنسيته فمتى سيحصل على حقه..؟!!
إذا الجيل الرابع .. لم يصبح مواطناً..فمن هو المواطن إذاً..؟!!
هل تتخيل..عزيزي القارئ..أن إنساناً في هذا العصر ونحن نعيش الألفية الثالثة..كل همه أن يحمل اسم وطنه..؟!!
العالم الغربي..يفكر كيف يرفه أبنائه..ونحن أكبر هم الكثير من أبنائنا .. الحصول على "إثبات شخصية"..!!
أيعقل .. هذا..؟!!
في الألفية الثالثة .. وهناك من أبنائنا من لايستطيع أن يحصل على عقد زواج..أو شهادة ميلاد..؟!!
في الألفية الثالثة..وهناك إنسان لايملك جواز سفر..!!!
في الألفية الثالثة..وهناك إنسان كل همه الانتماء..!!!
لايعرف..لمن ينتمي..وإلى أين ينتمي..!!!
هل يعقل..أن هذه القضية لها عشرات السنين ..ولم تُحل..؟!!
بينما حلها .. " بجرة قلم"..!!
فإلى متى تبقى معلقة..؟!! وإلى متى تبقى وصمة عار في جبين الإنسانية..؟!!
المصدر (http://alkhaleejaffairs.com/c-5698)
بقلم : ساير المنيعى
لقد كرّم الله عز وجل البشر منذ أن خلقهم؛فقد قال تعالى في سورة الإسراء:{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } (70)
بهذه الآية الكريمة أراد الله عز وجل أن يعلّم بني البشر كيف يتعاملون مع بعضهم البعض،وكيف ينظرون لبعضهم من منظور الكرامة الإنسانية وأنه تعالى قد كرّم هذا الإنسان فيجب أن يعيش كريماً كما خلقه الله لا أن تمتهن كرامته،وتصادر حقوقه الإنسانية تحت ذرائع،وقوانين وضعية ما أنزل الله بها من سلطان.
والمتتبع لأحوال البشر في كثير من الدول العربية يجد أن الكرامة الإنسانية من الأمور الثانوية في منظور كثير من حكومات هذه الدول،ولست بصدد الحديث عن حقوق الإنسان في الوطن العربي بشكل عام لأنها تحتاج .. وتحتاج ..وتحتاج .. للكثير ...!!
ولكنني سأتحدث هنا عن فئة ظُلِمَتْ كثيراً في أوطانها، وصُدِرت حقوقها الوطنية بأسباب عديدة،وبذرائع شتى بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة،وإنما لأهدافٍ "خاصة" تخدم فئة "خاصة" في المجتمع.
هذه الفئة التي ظُلِمَت وَسُمِيت ظلماً "البدون"؛هم فئة من أبناء هذا المجتمع العربي بل ومن أبناء الوطن الذي أطلق عليهم لقب "بدون" ولكنهم لأسبابٍ مختلفة لم يحصلوا على جنسية وطنهم؛بعضها خارجاً عن إرادتهم،والبعض الآخر بسبب جهل آبائهم وأجدادهم بأهمية هذه الجنسية التي لم يكن لها ذلك الأثر الكبير في حياة أبناء الصحراء وأبناء باديتها الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من أبناء هذه الفئة؛فالبدوي في ذلك الزمن لم يدرك أهمية هذه الورقة لأنه كان ينظر لوطنه من منظور أكبر بكثير من هذا المنظور الضيق للوطنية في أيامنا هذه..!!! فقد كان يرى الارتباط بالوطن ضاربةً جذوره في أعماق قلبه،كان ينظر للوطن بأنه التراب الذي ولد عليه والذي يفتديه بروحه والذي سيحوي جثمانه بعد أن يقدّم روحه فداءً لتراب هذا الوطن،كان ولايزال يرى الوطن أمه وأباه، ويتعامل معه على أنه ابنه المدلل الذي يلبي كل مايريد بمجرد إشارة من عينيه والذي تكون رغباته أوامر لاتقبل إلا التنفيذ فلم يهتم بهذه الورقة،ولم يلقِ لها بالاً؛لأنه يرى أن ارتباطه بوطنه أكبر من أوراق الكون بأسره.
"البدون".. ياسادة ..ليسوا نبتاً نبت من باطن الأرض، وليسوا مخلوقات من كواكب أخرى غزو الأرض فكان نصيب الوطن العربي جزءاً من هؤلاء الغزاة،وليسوا عالة على مجتمعاتهم،وإنما هم من أبناء هذا الوطن حرمتهم ظروفهم من التمتع بحقهم الشرعي في وطنهم.
ولو حاولنا أن نتعرف أكثر على أوضاع هؤلاء البدون وأحوالهم،وأن نقترب من عالمهم لنرى بعضاً من الحقائق التي لايظهرها المبهرجون والمتزلفون للحكومات؛ لوجدنا أن هذه الأوضاع لايمكن أن يفيها مقال أو تحويها أسطر .. ولاحتى مجلدات..ويمكن أن تُكتَب عنها قصص،وروايات..فكل واحد منهم رواية بحد ذاتها..ولو فكر كتّاب الروايات بطرق هذا الباب لوجدوا من الروايات مايحقق لهم أعظم الجوائز.
"البدون"..ياسادة..بشر مثل باقي البشر من حقهم أن يعيشوا في هذه الحياة عيشة كريمة تضمن لهم - على الأقل- الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية؛من الحصول على إثبات الشخصية،وشهادات الميلاد لأبنائهم،وجواز السفر،وحق الدراسة،والعمل،...،...،... .
"البدون".. ياسادة..لم يكونوا يوماً في معزل عن مجتمعاتهم،ولم يكونوا يوماً بمنأى عن قضايا وطنهم العربي الكبير بل كانوا قلباً وقالباً مع هذا الوطن بأتراحه قبل أفراحه؛وقد خاضوا كل الحروب التي مرت على العرب؛فشاركوا في حربي سوريا ومصر،وشاركوا في تحرير الكويت..فقدموا الشهداء والأسرى،وشاركونا في كل شؤون حياتنا فهم جزء لايتجزأ من هذا المجتمع بل إنهم أبناؤه ..
فكيف يُعَد " بدون" من كان يحمل هم ثروتنا الحيوانية ويعيش في صحراء بلاده،أو يحمي ثرواتنا البحرية ويعيش في مراكب بلاده فوق مياهه،فترك راحلته وترك سفينته وانخرط في وظائف الدولة قبل أن تنال "استقلالها" وقبل أن يطلق عليها مسمى دولة في المفهوم الحديث للدول،وبعد استقلالها وتكوين الجيش والأمن الداخلي انخرط فيهما خدمة لدينه ثم لوطنه وهو في ريعان شبابه،ومن ثم تزوج ورزقه الله بأبناء قدمهم لخدمة الوطن بعد بلغوا السن القانونية فمازالوا يخدمون بلدهم الذي حرموا من حمل اسمه،وتزوجوا ورزقوا بأبناء وصلوا لسن الزواج ومازالوا يسمون "بدون" وهم الجيل الرابع..!!!
هل يعقل أن الجد مواليد هذا البلد وابنه مواليد البلد وحفيده ولد على هذه الأرض وابن الحفيد .. مازال يسمى "بدون".. ؟!!
إذا كان الجيل الرابع لم يستحق أن يحمل اسم وطنه، وحرم من جنسيته فمتى سيحصل على حقه..؟!!
إذا الجيل الرابع .. لم يصبح مواطناً..فمن هو المواطن إذاً..؟!!
هل تتخيل..عزيزي القارئ..أن إنساناً في هذا العصر ونحن نعيش الألفية الثالثة..كل همه أن يحمل اسم وطنه..؟!!
العالم الغربي..يفكر كيف يرفه أبنائه..ونحن أكبر هم الكثير من أبنائنا .. الحصول على "إثبات شخصية"..!!
أيعقل .. هذا..؟!!
في الألفية الثالثة .. وهناك من أبنائنا من لايستطيع أن يحصل على عقد زواج..أو شهادة ميلاد..؟!!
في الألفية الثالثة..وهناك إنسان لايملك جواز سفر..!!!
في الألفية الثالثة..وهناك إنسان كل همه الانتماء..!!!
لايعرف..لمن ينتمي..وإلى أين ينتمي..!!!
هل يعقل..أن هذه القضية لها عشرات السنين ..ولم تُحل..؟!!
بينما حلها .. " بجرة قلم"..!!
فإلى متى تبقى معلقة..؟!! وإلى متى تبقى وصمة عار في جبين الإنسانية..؟!!
المصدر (http://alkhaleejaffairs.com/c-5698)