اتصل بي قبل فترة مسؤول في شركة علاقات عامة ـ أو ما تعرف اختصارا بـP.R ـ يطلب صراحة التعاون معهم من خلال ما أكتبه هنا، وأخذ يشرح المطلوب باختصار: لدينا عقود ضخمة، يتم من خلالنا التمهيد لأي مشروع قادم، أو التبرير لقرار لاقى تذمرا، وكذلك الدعاية لشركات تجارية.
فهمت أيضا أن من مهامهم تلميع أو...، بعض الشخصيات بغض النظر عما تقدمه.
كان العرض جيدا من الناحية المادية، إذ إنه بالإضافة إلى ما أتقاضاه من الصحيفة، سأمنح من قبلهم مكافأة سخية، وأذكر أنه قال لي بالحرف الواحد: "لا يخدم بخيل"!
عندما طلب رأيي، أجبته بما نصه: "ما تريده يا سيدي أن أكون صاحب قلم مأجور، ربما علي التزامات بحاجة إلى مورد إضافي، وأعتقد أنك تعلم ذلك، لكن ليس بهذه الطريقة، عذرا فلست رجلكم المنشود"!
لم ييأس صاحبنا، وقال إنه سيمنحني بضعة أيام للتفكير في العرض، وعندما يتصل لاحقا يتمنى أن يجد إجابة تسره و"تنفعني"!.
بعد يومين، اتصل يسأل عن قراري النهائي، فأخبرته بأني ذكرت له ذلك في تواصلنا الأول. عندها أدرك بأني "وجه فقر" ـ قالها مازحا ـ لكنه طلب إعطاءه فسحة من الوقت ليشرح الأمر بطريقة أخرى، وهذه المرة ليس لإقناعي بالعدول عن رأيي، إنما لترميم سمعته أمامي وحفظ ما تبقى من ماء وجهه!.
عاد ليشرح أن الـP.R صناعة ضخمة وقائمة بحد ذاتها، ولست الوحيد الذي يطلب منه ذلك، فهناك كثيرون غيري، أضف إلى ذلك أن أشهر كتاب أعمدة الصحف العالمية متعاونون مع شركات علاقات عامة، يمررون من خلال مقالاتهم ما يُراد به التأثير على الرأي العام، واستشهد بالانتخابات الأميركية.
قاطعته لأوكد له أنه لا يوجد لدي حرف واحد "للتقبيل"، وإن كان هناك من استرخص ذمته وقلمه، فلا يعني أن يكون الجميع "مرتزقة"، كما أني مسؤول عما أكتبه، لا ما يكتبه الآخرون.
لم أكن مثاليا في موقفي، بل ذلك ما فرضته علي المهنية واحترام الذات. لا يمكن لنبيل أن يقبل بعرض كهذا مهما كانت المغريات.
انتهت المكالمة، وأنا أسأل نفسي: من التالي الذي سيقدم إليه مثل هذا العرض السخي؟!
هايل الشمري
المصدر