بضع كلمات للشيخ القرضاوي : بقلم عدنان فلاح الشمري

عدنان فلاح الشمري



لاأدري يا شيخ يوسف إن كانت ستصلك كلماتي هذه، أو أنك ستقرأها إن وصلتك بعد أن تجاوزت كل الخطوط التي يفترض أن تكون آخر من يتجاوزها بصفتك الدينية والعلمية. فبحديثك الأخير عن الوضع السوري لم تترك أي خط رجعة، وأظنك ستسمر في هذا الطريق الذي لن يأتي بأي فائدة على المسلمين لسنين طويلة. فلم هذا الخلط يا شيخ بين الأحداث السياسية الجارية في سورية وبين الدين؟ ولماذا باتت دعواتك للجهاد والفتاوى التي صدرت منك في هذا الاتجاه في السنوات الأخيرة مرتبطة بنفس أهداف الولايات المتحدة وحلف الناتو؟ ولماذا لم نشهد هذه النبرة وهذه الوتيرة في الحديث عن الجهاد لصالح ما يحدث لأهلنا في فلسطين، خصوصا الأحداث الأخيرة منذ أشهر في قطاع غزة المحتل؟

فضيلة الشيخ، لا أحد يستطيع أن يحجر على آرائك السياسية وتوجهاتك الفكرية، فلك الحرية بأن تنتقد إيران كنظام سياسي ولك مطلق الحرية أن تعادي حزب الله اللبناني، ولكن ليس لك الحق أبدا أن تؤلب الناس وتدفع المسلمين إلى التناحر والدمار والقتل. ليس لك الحق بأن تكفر طائفة إسلامية كاملة - الشيعة- لأجل أن هناك نظاما سياسيا يتبع نفس المذهب له رأي سياسي يخالفك تجاه ما يجري في سورية. وليس لك الحق بأن تصف هذه الحرب بأنها حرب مذهبية بسبب دفاع حزب لبناني عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فالكل كان يعلم عن الحلف السياسي العسكري والإستراتيجي المعلن بين سورية وإيران وحزب الله قبل هذه الأحداث، فلمَ يتم إخراج هذا الدعم للنظام السوري عن صورته المعلنة ويتم تلبيسه عباءة طائفية؟ يا شيخ يوسف، هل تتذكر عندما كان نظام صدام اللعين يستضعف أبناء الجنوب العراقي وغالبيتهم من الشيعة يسومهم ألوان العذاب، في تلك الحقبة لم يدع شيعة العراق أن أهل السنة يعذبونهم، وكذلك لم يدع أكراد العراق أن العرب هم من ضربهم بالسلاح الكيماوي.
يا شيخ يوسف، من أين أتيت بعبارة أن الشيعة أشد كفرا من اليهود والنصارى؟ ألم يتبادر إلى ذهنك بأنك بحديثك هذا ستدفع أجيالا من الشباب لنسيان قضية فلسطين والصراع مع اليهود، والانسياق بدلا عن هذا نحو المزيد من الاقتتال الطائفي. يا شيخ ألم يكفنا ما حصدته حرب لبنان الأهلية لسنين؟ ألم نرتو بعد من الدماء التي سالت في العراق بسبب الاقتتال الطائفي؟ ألم يكفنا أخبار النزاع المذهبي في باكستان؟ ألم تتذكر بحديثك هذا تلك الصور البغيضة للطائفية التي اجتاحت بلاد المسلمين؟ ألم يحرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم دم المسلم على المسلم؟ أولم يحرم الإسلام قتل النفس المحرمة؟ يا شيخ، بحديثك هذا أنت تبيح وتدعو لارتكاب مثل هذه الأعمال، خصوصا في ظل وجود جماعات دينية متشددة ترتكب مجازر عديدة في أصقاع الأرض ملبية بنداء الله أكبر في كل عمل طائفي يقومون به. قليلا من التعقل والروية والحكمة يا شيخ، فبالهدوء والتريث في الخوض في مثل هذه الأمور ستحقن دماء آلاف من المسلمين في شتى أنحاء العالم.


المصدر

مقال رائع

مبدع يا عدنان

كلمات طيبة منك اخي الكريم وياريت يستمعون لها

أشكرك يا فارس على النقل