يظن البعض ان البخل مرتبط بالمادة والمال، ناسين ان البخل ما هو الا سلوك مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحال، ولذا يعيش بخيل الجاه وهو أسوأ أنواع البخلاء متقوقعاً في ثنايا نفسه يخفي الشيء الكثير عن نفسه لما يراه من سوء في نفسه يعجز ان يعالجه بنفسه، فالنفس جبلت على ان ترى عيوب غيرها ولا ترى عيب نفسها ولذا تجد هذا البخيل يبحث عن عيوب الآخرين مضخماً اياها بذلك المجهر المهتري الذي يضخمها حتى يكاد ان يجعلها هي الطامة الكبرى والتي لولاها لصلح الكون على الرغم من انه لو انشغل باصلاح عيب نفسه لكفته ولكن هي النفس الشحيحة التي خنعت وارتدت رداء الشح والبخل على الرغم من ادراكنا بأن من لبس ثوباً أطول من ثوبه وقع فيه، ولذا ما ان تدخل مجلس أولئك الرعاع ممن هم على تلك الشاكلة الا وتراه متصدراً صدر المجلس نافخاً ريشه متشبهاً بسلطان زمانه وهو ليس كذلك...! لان زمانه ولى مع أول اختبار في خدمة الآخرين ولان الناس الذين نعنيهم اعتادوا على احترام من لايراوغ والاذعان بسخاء لمن يخدمهم فسيد القوم خادمهم وليس من يخدعهم ويكذب ويدلس عليهم كما قال عليه الصلاة والسلام: «الخلق كلهم عيال الله وأحب خلقه اليه أنفعهم لعياله».
يقول جاءني حاملاً مفاتيح باب مغارة علي بابا ومصباح علاء الدين عارضاً خدماته التي تقرِّب البعيد وتحقق المستحيل مقابل خدماتي ذات اللون الواحد أي مقايضة الشيء بالشيء وما ان جاءت ساعة الاجابة وحصل على ما حصل عليه بَخِل وترَّدد وتَراجع ورَاغ كالثعلب لا بل كالنمس مستنداً ومُلتمساً ومُتلمسا المدد والعون من دائرة المنتفعين من حوله ومن هم على شاكلته تالياً عليهم وعلى نفسه المتصدعة ترانيم الليلة الاخيرة داعياً اياهم لعشاء ليلة الوداع ناسياً ومتغافلا بأن الناس تمتدح ما ترى لا ما تسمع وما البخيل الا بخيل الجاه.
والله من وراء القصد
د.فهد الوردان
المصدر