هناك من اعتاد على ان يطلق على الأعاصير والعواصف والفوضى ألفاظاً تخالف حقيقتها، قد يكون قاصداً ان يخفف من مرارتها أو لأن مرارتها أو قوتها التدميرية تعد مقبولة وجميلة للطرف الأخر المستفيد...يقول ما ان دخلت مملكتي الا وشعرت بنوع من الحدة والجفاء من زوجتي التي عاشت معي على الحلوة والمرة، ونوع من التذمر مغلف بطبقة أو طبقات من التحدي غير المسبوق من أبنائي الذين يدركون كل الادراك ويعلمون كل العلم مدى حبي لهم ويعلمون كم هي الليالي التي سهرت من أجل راحتهم وتوفير ليس فقط لقمة العيش وانما توفير كل سبل السعادة لهم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى....حاولت ان أوهم نفسي بأن كل هذه الأحاسيس ما هي إلا أوهام من نسج خيالي وذلك لأني لم أقسُ على أيٍ منهم طوال عمري بل كنت أقتطع الفائض من ميزانية الأسرة لكي أرفه عنهم وأجعلهم يستمتعون بكل الخيرات التي حبانا الله بها.
ورويداً رويداً بدأت اسمع كلمات وألفاظاً تقال بصوت عالٍ لم أعتد على سماعها ولم يعتد أبنائي على التلفظ بها...ومطالباتهم بدأت تتحول الى مطالب مغلفة بوقاحة بأنها ليست منّة مني أو تكرماً وانما فرض يجب ان أؤديه رغماً عني وبدأت اسمع ألفاظاً من قبل أصغر أبنائي يعف اللسان عن ذكرها مثل (حلال عليك حرام علينا)(وماذا يعني ان تكون أب...) ألفاظاً لاتنم الا على سوء تربية، ولكن ما الحل أمام تمرد أسري لم يراع القيم وانما ينظر للأمور من زاوية ضيقة متناسيا الزوايا الايجابية الأخرى، وبدأ الكل يضغط من زوايا قميئة وحادة...جعلتني أتساءل من يحرك من !...بدأت أشعر بالحيرة والقلق ليس على نفسي وانما على أسرتي التي أحببتها والتي هي جزء منى...ماذا أعمل؟ وهل أستخدم سلطتي الأبوية وأقسو على أبنائي ووالدتهم التي أحب!؟ ومن خلال استقصائي وبحثي تبين لي بأنهم أداة بيد أحد الأبناء الذي اتخذ من بعض الشعارات المغلفة باطار قيمي مُستنداً إلى بعض السلبيات ناسياً ومتناسياً النتائج العامة الايجابية والرفاهية التي ينعمون بها والدرجات العلمية التي حصلوا عليها...وبدأت اجتمع مع أبنائي منفردين بعيداً عن أعين ذلك الابن العاق الذي استخدم حلاوة لسانه وقدرته الفائقة على قلب الحقائق وما هي الا سويعات وانكشفت الغمة بادراك الأبناء وأمهم المصير الذي سيقودهم له ذلك الابن الذي لم تحركه الا أطماع وشهوات لا حصر لها واستشعروا بالمقارنة الواعية بين ما كانوا عليه من سعادة وراحة بال وما هم عليه اليوم من فوضى وعدم استقرار وقلة احترام مما جعلهم يلتفون حولي مطالبين اياي بمعاقبة ذلك الابن الذي كاد ان يحول حياتهم الى جحيم، وعلى الرغم من سوء العاقبة التي كنا سنصل اليها الا أنى اخترت ان أتركه لضميره داعياَ الله ان يحفظ أسرتي من مكره ومكر كل ماكر.
والله من وراء القصد
د.فهد الوردان
[email protected]
@fahad1457
المصدر