لقد حبا الله شعب الكويت وقادته أرضاً مباركة، خيرها عميم ونفعها كثير وصل أقاصي أصقاع الدنيا، أهلها يتصفون بالطيبة ويتميزون بالتسامح مهما وصل الخلاف بينهم، فالعلاقة كانت بين الحاكم والمحكوم- دائماً- تتصف بالحكمة وبُعد النظر وتتسم بطابع الرحمة والتقدير المتبادل، ديدنهم التشاور فيما بينهم الذي هو أساس القرار، يستمدونه من مبادئ الدين الاسلامي السمح ومن القيم العربية وتقاليدها الشماء والمصلحة العامة، وقد طوروا أنفسهم بمقتضيات حركات المجتمع والتاريخ ومتغيراته، وحولوا كيانهم الى دولة مسؤولة لها دستور ونظام وقوانين تضبط شؤون الحياة في كل مناحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، يقود مسيرتها ورقيّها أمراؤها الكرام وأبناؤها المخلصون على مدار التاريخ.
ان التعصب والحدة في الرأي ليسا من ديدن أهل هذا البلد الكريم، والرجوع عن الخطأ الى الحق يعتبر فضيلة وقوة وثقة بالنفس جبلوا عليه، ونحن في هذه الأيام، أمام اتجاهين متباينين، الاتجاه الأول له رصيد شعبي كبير فمن الواجب الشرعي والقانوني الاستماع اليه بعقولٍ واعية، وضمائر سليمة، فالشعب الكويتي قاطبة الذي اجتمع منذ ما يزيد على ثلاثة قرون على قبول أسرة آل صباح حكاماً له، ليس من المعقول والمنطق ان يجتمع اليوم على باطل في أمور تعتبر حقاً له في ان يكون له رأي ومشاركة فعالة عبر سلطاته الدستورية في ادارة شؤون ومناحي حياته التي تتطور وتتسع وتتغير باستمرار، ولا يمكن لأحدٍ ان يخدع ويدير ويوجه الحراك الشعبي والشبابي على هواه، خاصةً وأن الوعي قوي جداً، يرتكز وينطلق من مطالب حقة ومشروعة، فهناك واقع جديد ووجهة نظر في ذلك يجب الاستماع لها والأخذ بها، هذا في جانب وفي جانب آخر، هناك اتجاه ثان له أطراف مغايرة ومخبورة، تعيش في أبراج عاجية لا هم لها الا مصالحها فقط، ومتهمة بنشر الفساد في مفاصل الدولة، لا تشعر بحال المواطنين ومتطلباتهم وما يحتاجون إليه، تصور الأمور بعكس الواقع، وللأسف الشديد ان هناك من يستمع لها، قال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ان الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ان الشَّيْطَانَ كَانَ لِلانْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} (الاسراء: 53.(
الكويت للجميع، والتفرقة باب من أبواب النقصان، والنقصان طبيعته مزيد من النقصان الذي يؤول في النهاية الى الفشل والضعف والضياع، فلا يمكن لأحدٍ ان يسير عكس عجلة التاريخ وهو الخطأ الذي قد يؤدي لا سمح الله الى الخطيئة، وعندها لا ينفع الندم، فلنتق الله بأنفسنا وبأجيالنا القادمة، ونتدارك الأمور، والله يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
د.سعود مشعل الشمري
http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDeta...8&WriterId=109