الكثير وأقول الكثير من الناس وخاصة جيل هذه الأيام وما قبله يعاني من مشكلة مؤرقة بعض الشي وهي هشاشة تلك الذاكرة الخاصة بحفظ كل ما تعلمه منذ الصغر وهذا بلا شك يشمل حتى القيم السلوكية والتي تدفعه للتعامل مع كل المستجدات الحياتية والاجتماعية مستخدما ذلك السجل المدني المخزن عليه كل ذكرياته بالأسماء والأحداث والصور رابطاً بذلك كل أصدقائه ورفاق دربه وزملاء الدراسة وزملاء العمل على مدى تاريخ حياته شكلا ومضموناً ولذا ما ان يدلف أحدهم لمجلس عام أو خاص يظن البعض أنه يتجاهل السلام الخاص عليهم على الرغم من أنه يحاول ويحاول جاهداً تذكر الاسم أو الشكل، ومحاولة تذكر الزمان والمكان وقد يكون البعض منهم التقى به منذ فترة بسيطة على ظهر هذه البسيطة ولأن سوء الظن هو الصفة المشتركة بين الكثير من الناس تجد الطرف الآخر لا يحاول مساعدته بالتعرف والتذكير وانما يضعه بذلك القالب الجاهز مستخدماً تلك العبارة ذات القالب المسيء لكل تلك القوالب القيمية والمخالف للتربية السوية على الرغم من ان الغالبية تشتكي من هذه وتلك الآفة والتي تعدت تذكر الأسماء والأشكال الى التناقض بين الاقوال والأفعال بالتناسي لما قاله بالامس والذي أنكره جملة وتفصيلا اليوم وذلك حسب تلك العروض والمغريات الدنيوية.
يقول التقيت به وعرَّفني بنفسه ومرت أيام وجاء ليسلم علي وقال أعرفتني قلت والله اذكر شكلك ولكن لا أتذكر الاسم فذكر اسمه ومرت عدة أيام وجاء مسرعاً يكاد يختبر ذاكرتي فقال أعرفتني فقلت أما هذه ستكون طامة كبرى ان لم أتذكر اسمك ! ولكن أتعلم سبب هذا النسيان أو التناسي الزمهريري انه تلك التراكمات من الاحباطات وتلك التناقضات القيمية وتلك الفذلكات التي أصبحت سمة لا أقول عصرنا وانما سمة مجتمعنا الفاضل شكلاً والذي هو ليس بالفاضل مضموناً لما يعانيه من تصدع قيمي يجعل الحليم حيران مصداقا لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم بما معناه في وصف هذه الحالة بأنه في آخر الزمان يبيت أحدنا مسلما متفاخراً باسلامه وايمانه وشجاعته في قول الحق ويصبح كافراً بكل ما آمن به ناسيا أقواله بائعاً دينه بعرض من الدنيا دونما ذرة حياء انه الزهايمر الزمهريري الذي تعدى بقبحه تذكر الأسماء الى افتقاد وتناسي القيم وبلا حياء.
والله من وراء القصد،،،
د.فهد الوردان
المصدر