• هذا هو سيناريو الاشهر الاولى للبلاد بعد استمرار التخبط والمهاترات وسوء استخدام المورد الطبيعي.
بدأ يوم عملي مبكراً جداً كعادة عمال القطاع النفطي، الذين يستيقظون مع أذان صلاة الفجر في فصل الشتاء وبعده صيفاً لبدء عملهم المبكر. أثناء سيري في الطريق لاحظت عدم وجود عمال التنظيف.. انهم ليسوا هنا اليوم، والشارع ايضاً ليس كالمعتاد إذ لا توجد فيه سيارات ككل يوم عمل اعتيادي، حيث الجميع يسيرون باتجاه جنوب الكويت إلى شركات القطاع النفطي وأغلبهم على جيبات الشركات المختلفة، فتعرف مباشرةً أنهم موظفو القطاع النفطي يأتون من مختلف بلدان العالم. أينهم اليوم لا يوجد أحد ما الذي يحدث وكأن اليوم يوم جمعة.
نظرت إلى هاتفي فعرفت انه يوم الاثنين، ولكن لماذا لا توجد شبكة ولا إرسال في الهاتف، وأينها ديناميكية الحياة الروتينية؟ فسرت بطريقي إلى المصفاة مقر عملي آملاً في ان كل شيء على ما يرام وانه ليس هناك ما لا أعرفه انا فقط. وإنه من الممكن ان شدة البرد الجاف أخرت هؤلاء الناس عن حياتهم الروتينية. أعلم انه عذرٌ ضعيف..
دخلت المصفاة فصعقت أين الناس، أين رجال المنشآت العسكرية، أين الموظفون وموظفو الأمن، لا يوجد أحد يا إلهي، ماذا يحصل؟ لابد انني في حلم ولكنني أعلم انني في حقيقة. المصانع داخل المصفاة لا تعمل فقد هُـجرت والمعدات ساكنة..
حتى ولو انني في ساعة متخلفة عن ساعات عملي، فالمصانع يفترض أنها تعمل على مدار الساعة، لذلك ترددت في النظر إلى ساعتي حتى فعلت بلا سبب فهي السابعة صباحاً. لغز وظاهره لا يمكن أن أجد لهما عذرا وكأن الحياة توقفت. عدت إلى المنزل، ولكن قبل أن افتح باب المنزل التقطت الجريدة التي تأتي كل صباح الى صندوقها على يسار الباب، فدخلت، ولكن لماذا الجريدة صفحاتها أقل على الرغم من أننا لسنا في عطلة رسمية؟ الجريدة كتب عليها مانشيت عريض: «اليوم الخامس والستون منذ نضوب آخر بئر كويتية» ما هذا؟!
أكملت قراءة الخبر فعرفت ان النفط الكويتي نضب منذ نيف وشهرين، فأُغلقت المصافي والمصانع والشركات، وأكمل الخبر، «فقد خرج من البلاد خلال شهرين ثلاثة ملايين وافد».
هذا هو سيناريو الاشهر الاولى للبلاد بعد استمرار التخبط والمهاترات وسوء استخدام المورد الطبيعي واستمرار كل مشاكل البلاد، التي لا نرى أي مبادرة لحلها حتى لو كانت بسيطة.
نهاية الدولة الريعية ستكون قاسية جداً.
عبدالرحمن الهداد الشمري
المصدر