كتب : حمودالبغيلي
[email protected]
ذوق سليم وسبر دقيق
ذيب الشمري
فرحت كثيرا باتصال من الصديق الشاعر ذيب الشمري بعد انقطاع طويل، أعادني إلى سنوات العمر الجميلة، وفرحت عندما أشار إلى خطأ غير مقصود في تكرار قصيدة أحد الشعراء ما جعلني أطالبه بابداء رأيه عن ما يراه من سلبيات، فتفضل مشكورا بالرد السريع بهذه المقالة، وأتمنى أن يتواصل معنا في ابداعاته.
انطلاقا من الفضيلة لا تطرفاً من العاطفة او الضغينة، وبشهادة الذوق السليم والسبر الدقيق للنصوص الشعرية، نقول ان الشاعر حمود البغيلي سلسلة ذهبية متصلة الحلقات من التاريخ الادبي، وأنه وامثاله من اهم روابط التواصل الحميد بين الماضي والحاضر. كما انه سبق المغرّدين بسنوات طويلة من خلال تغريداته الشعرية التي نشرت في الصحافة والمتمثلة في تناول كل شؤون الانسان المتعددة والمتنوعة بأسلوب راق ومؤثر ومختصر، لا طويل مملا ولا قصير مخلا. بالاضافة الى توليه مهمة الاعداد في صفحة «الادب الشعبي» في صحيفة «القبس» ما يزيد على 15 عاماً وهو يستقبل مئات النصوص الشعرية، وعلى ضوء ذلك اكتملت عنده ملكة الايجاد وملكة الانتقاد.
مكافحة الفساد
من هنا فإنه وامثاله مطالبون بتشكيل قوى اصلاحية لمكافحة الفساد في الساحة الشعبية في المرئي والمسموع والمقروء لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة وتسليط الضوء على مدلولات بعض الكلمات اللغوية والمعنوية الخاطئة التي انتشرت في قصائد الشعراء أخيراً، ووضع القصائد التي تحتوي كل المتناقضات في دائرة الضوء لتحصل على ما تستحق من القيمة. بالاضافة الى وضع تعريف للتكسب المشروع وتذكير الجميع ان الكلمة امانة ومسؤولية، وان الاجتهاد في اطار الاختصاص هو الاسلم وان الاتباع والتقيّد بتسلسل مراتب تغيير المنكر من الحكمة.
مفاهيم خاطئة
فلنبدأ بالملاحظات تباعاً. لقد أشرنا الى المفاهيم الخاطئة، ومنها على سبيل المثال أن هناك من الشعراء من يزعم انه تخصص في كتابة القصائد السياسية، وعند الاطلاع عليها تجد انها لا تحمل فكراً سياسياً بل هي سب وقذف. وهذا يحتاج توجيها وارشادا من حمود البغيلي وامثاله في ابلاغ هذا المجتهد ان القصائد السياسية قناعات تنطلق منها اراء وافكار تعبّر عن وصف معيّن لعمل او موقف من الشأن السياسي بالتأييد او المعارضة وليست بالضروره شتائم.
وعلى الايقاع نفسه يأتي ممتطي جواد الوطنية والذي ينطلق به على الاسفلت معتقداً انه سيصل في وقت اسرع مما لو سار على الطرق المعدة لسباق الجياد، مما يجعل حوافر الجواد تتكسر ويتوقف عن الجري قبل محطة الوصول. وهذا ايضاً لا يستغني عن التذكير بأن القصيدة الوطنية ليست اغداق المدح على الحاكم فقط من دون التركيز على الوطن وابراز محاسنه ومدى الارتباط به وصدق الولاء له وصحة الانتماء وكيفية نشأته الاولى ومراحل تنميته وتضحيات ابنائه وما شابه ذلك.
خلط الأوراق
في السنوات الاخيرة تعمد بعض الشعراء خلط الاوراق على المتلقي وايهامه بأن هذه صيغة الخطاب الادبي الجديد المواكب للمرحلة، فتجده يأتي بالشيء ونقيضه وليس من منطلق «الضد يظهر حسنه الضد»، انما لخلق غرائب يدور الحديث حولها ويعرفه الجمهور من خلالها، وهذا من الامانة الادبية والانصاف يجب ان يوضع انتاجه في دائرة الضوء لفرز الالوان واظهار مواطن الجمال والقبح ليحصل على ما يستحق من اصوات الجمهور.
وفي هذا الاطار ايضا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث والشريف «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
ومن هذا المنطلق يحق للشاعر استخدام الاداة الثانية من ادوات تغيير المنكر وهي «اللسان»، لكن استخدام هذه الاداة ليس في كل زمان ومكان بل يراعى في ذلك الوقت المناسب والتعبير المناسب والاخذ بالقاعدة الشرعية التي تنص على «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، وليس صحيحاً عندما ترى انساناً في المجال الاقتصادي او التربوي او اي مجال غير مجيد في عمله وتريد ان تنتقده كي يستقيم ويكون اكثر عطاء، فالحق ان تسلط الضوء على مكامن الضعف والقصور في عمله، وليس الطعن في نسبه او مذهبه كما نقرأ ونسمع حاليا من البعض. وقد يأتي من يقول ان هذا الامر متعلق بالعلماء، نقول وبالشعراء ايضاً.
والى لقاء اخر بإذن الله في هذا السياق.
المصدر