من أعظم الوسائل التي تختصر لك البحث عن مصداقية من أمامك انسجام أفعاله مع ما يدعو إليه أو تناقضها مع ما يدعو إليه،فالتناقض باب مهم لإسقاط الدجلة وأرباب المصالح الذي يغلفون مصالحهم الشخصية و الحزبية بغطاء ظاهره فيه الرحمة وبابطنه الدجل والعذاب…!
ومن الأمور الجميلة رؤيتك لكثير من الناس تُسقط من رُفع بغير وجه حق من قبل مؤسسات حكومية أو طائفة من الجماهير وأعطي مكانة أو لقبا لا يستحقه…كاستنكار كثير من الناس ادخال الغناء والتمثيل تحت بند الأعمال الجليلة وكاستنكارهم اعطاء الراقصات والممثلات ألقابا مثالية تخالف واقع حالهن وما تواتر عن حياتهن الخاصة!.
ولكن المحزن أن كثيرا من الناس يضيّق دائرة التناقض على أمور معينة ولا يتعاطى معه بما يستحقه من اطراد وعمومية…فتجده يستنكر غاية الاستنكار اعطاء الراقصة الفلانية لقب الأم المثالية وهو مع كذلك لا يكاد يمل ولا يكل عن مدح وتبجيل السياسي الذي تناقضت أفعاله مع ما يدعو إليه…؟!!
والسبب في ذلك راجع لتضييقه دائرة التناقض…ولو أنه تمعن في السبب الذي جعله يسنكر على الراقصة حصولها على لقب الأم المثالية-وهو تناقض ما تفعله من فجور مع ما تدعيه من نزاهة وتناله من تبجيل- لوجد نفسه مضطرا لنبذ وبغض دجلة السياسية الذي لم يبقوا بابا من أبواب التناقض إلا ولجوه…ولكن لأن السياسة ميدان يسهل فيه تضليل العقول وليس كالميدان الأخلاقي الصرف…استطاع دجلة السياسية أن يتكلموا فيه عن النزاهة ومحاربة الفساد وهم غرقى في الفساد ووجدوا لهم رواجًا عند قاصري النظر…ولم يستطع دجلة المثاليات الأخلاقية نيل ما نالوه…ولكن أخشى إن بقي الحال على ماهو عليه وتمدد أن تزحف المفاهيم الضيقة للتناقض حتى على الميدان الأخلاقي ويتوسع الخرق على الراقع…!!!.
عبدالكريم دوخي الشمري
المصدر