مقال للكاتب الصحفي الاردني : الدكتور سليمان عربيات ، عن قبيلة شمر
والمقال تم نشره في جريدة الدستور الاردنية الرسميه
العدد رقم : 15899
ميَّل عقاله ولْد شمر
للدكتور الكاتب . سليمان عربيات
كنتُ و ما زلتُ عاشقا للشعر النبطي, أستمع إلى القصائد المغناة أو إلى الشعراء في انتشارهم المتصل و أشاهد مهرجانات الشعر و احتفالياته بكل ألوانه و منها "شاعر المليون" كنت و ما زلت قارئاً و مستمعاً و مشاهداً لهذا اللون من تراثنا العربي البدوي بما له و ما عليه. لن أعود للحديث عن حالة العشق بيني و بين هذا النوع من الشعر, فقد تسلل إلى كل خلية من جسدي حتى درجة الإدمان. عندما أستمع إلى صوت يلقي قصيدة نبطية مرثاة, أحس بالحنين و بالحزن و بالوجع و بالآهات و هي خارجة من صدر الشاعر.
كنت في الأشهر الماضية, أتابع ثورات الربيع العربي و كتبت حولها وانتهيت من كتابة سيرتي الذاتية و كتاب الزراعة في عهد إمارة شرق الأردن, و قرأت عشرات القصائد من الشعر النبطي, و هذه القصيدة أعلاه: ميل عقاله ولد شمر, أخذتها اليوم؛ لأصل الحنين بالحنين، والوجد بالوجد، والعهد بالعهد.
القصيدة المختارة, ميَّل عقاله ولد شمر, للشاعر العنزي (من قبيلة عنزة) و شاعرها سليمان الحمد. و تتميز بأنها خرجت على تقاليد الشعراء النبطيين إذ ذكرت مناقب قبائل شمر
حيث يقول الشاعر:
ميَّل عقاله ولْد شمر ما جمع الألف و الميه
أي أن الشمري أمال عقاله (في العامية عنقر)
و هو غير مكترث بما حوله من الرجال, المئات و الألوف.
و قد أثارت القصيدة سؤالاً و هو: لماذا "يميل" الشمري عقاله؟
يقول الشاعر الكويتي لافي ذباح:
لو يميل الوقت و تميل المراجل و الرجولة
و الله إن الشمري ما مال منه إلا عقاله.
و قد اختلفت وجهات النظر حيث ساد الرأي بأن السبب هو انتهاء دولة شمر التي أسسها الأمير عبدالله العلي الرشيد, و بانتهائها حل الحزن, فأمالت عقالها كما تفعل الدول "بتنكيس" علم دولتها. و يميل العقال إلى اليمين أو اليسار.
إن ما يتضمنه تراثنا الحالي من قيمة رمزية للكوفية و العقال لا يتفق مع هذا الرأي, فميل "العقال" يعني الافتخار و عندما يلقي الرجل بعقاله أو يمتنع عن لبس العقال, فهو رمز للغضب و بالإصرار على رد كرامته. و الشمريون و معظم قبائلنا العربية, تلبس الكوفية و العقال, إما مائلا إلى اليمين (و هذا الغالب) أو إلى اليسار.
و من قبيل العلم بالشيء, فان دوارا في مدينة الدوحة عاصمة قطر يطلق عليه "عقال الشمري" و ذلك بسبب ميلان هذا الدوار, و محاكاته لعقال الشمري. و هناك روايات عن أصل الكوفية والعقال والعادات والتقاليد القبلية العربية المرتبطة بها, يمكن الرجوع إليها في مصادرها لمن أراد هذا اللون من التراث.
أعود فأقول: إن الاهتمام بالتراث الشعري النبطي (البدوي) و الانتشار الواسع لهذا الاهتمام, بأدوات شعبية و رسمية في المنطقة العربية, ظاهرة ايجابية تصب في النهاية في المحافظة على تراثنا القومي..... أنتهى