قال تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ان تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَاذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَانْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} (البقرة 198.(
المبيت في هذا الوادي الذي يقع بين عرفات ومنى يعيدك لـ 1400 سنة ماضية وذكريات تحمل عبق ماض مازلنا نعيش أحداثه منتعشين من خلال تلك الجذور الممتدة بقوة وصلابة...وما ان تحط رحالك في هذا الوادي للمبيت وتطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة جمعاً وقصراً... لا تجد نفسك الا مرغماً بأن تنتقل بخيالك لأيام الرسول صلى الله عليه وسلم ومبيته في ذلك الوادي والذي اهتدت قبلنا بسنته أجيال وأجيال... وما هي الا لحظات وبدأنا نسمع في ذلك المكان هرج ومرج وصوت نشاز يبدو أنه لا يجد متعته الا بالبحث عن الخلافات لا الاختلافات في وجهات النظر أنه الصوت العالي الذي يقلب الباطل حقاً والحق باطلاً.... انها الغوغائية والفوضى حتى في أثناء العبادة وكما هي العادة تجد من ينحاز بتطبيله من تلك النوعية والتي باعت عقلها وارادتها لذلك الصوت العالي والذي أثار شبهة بأننا لسنا في المكان الذي يفترض ان نكون فيه واننا خالفنا السنة وأضعنا الاتجاه الحقيقي، ومن المضحك والمثير للحزن انك تجد الكل قد تحول الى «مفتي» وبدأنا نسمع أصواتاً مؤيدة بدون أي دليل لفتوى ذلك الشخص الذي أثار البلبلة والشك وقد تصدى لتلك البلبلة ذلك الاداري الذي قطع الشك باليقين باستخدامه جهاز تحديد الأماكن «GPS» وعلى الرغم من قوة حجته الا ان ارتفاع الأصوات ادخلنا في (حيص بيص) مما جعل ذلك الاداري الحكيم ينسحب تاركاً الحبل لتلك الأصوات العالية والتي هي في الحقيقة أقلية طغت أصواتها على هدوء الحوار ومنطقية الحجج وذلك من خلال الصوت العالي واثارة الشكوك والتي أجبرت المشرف على الرحلة ليس فقط الانسحاب وانما الاستجابة لتلك الأصوات النشاز والتي جعلتنا نحن الأغلبية نعلق في زحام امتد الى أربع ساعات مما اضطرني وآخرين ان نغادر تلك الحافلة متجهين للحرم مشياً على الأقدام تاركين الجمل بما حمل وأكملت طريقي مشياً على الأقدام ما يقارب العشرة كيلومترات وباقي المشوار أكملته بالركوب مع أحد الأفاضل بمبلغ يفوق الأجرة الحقيقية أضعافاً مضاعفة... وصلت عند أذان الفجر وصليت صلاة الفجر ثم طفت السبعة أشواط وبعدها اتجهت للمسعى ومن ثم حلقت رأسي متحللاً سائلاً الله تعالى ان يحفظ وطني الكويت من كل مكروه.
يقول أحد الصامتين في تلك الرحلة هذا الموقف الاجتهادي والذي أدى الى كل هذا الخلاف جعله يسأل ذلك الاداري الرزين عن سبب انسياقه مع بعض مثيري الفوضى والذين اختفوا بعد الشوشرة مباشرة وذلك لعدم وجودهم في تلك الحافلة... يقول ذلك الاداري ألم تر ما فعلوا! وما أثاروه من بلبلة! واتهاماتهم له في دينه وخلقه مما جعله يستجيب لهم لأنه ظن أنهم الصوت الوحيد فقلت له وما ذنبنا نحن الأغلبية... قال إنه الصوت العالي الذي يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً انها الغوغائية والفوضى.
والله من وراء القصد
د.فهد الوردان
[email protected]
@fahad1457
http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDeta...2&WriterId=225