الاستثمار البشري هو اشمل الاستثمارات واجداها.. ويبدو ان «التربية» لا تملك خطة تضع من خلالها استراتيجية، فكيف نتحدث عن التجنيد؟
يقال ان لكل زمان دولة ورجالا، ولكن الرجال، الذين تحتاجهم الكويت في الزمن المقبل، رجال مختلفون، قادرون على ادارة مؤسسات البلد بعلم ورقي لقيادة الوطن الى بر الأمان، الذي لا نستطيع رؤيته نحن خلال ابحارنا في الوضع الحرج المخزي والمخيب للأمل. تتراكم المشاكل وتصبح معقدة حتى تصل الى مرحلة القول ان الحلول باتت صعبة، فيسيطر علينا اليأس، كما يحصل تماماً معنا جميعاً، عندما ننظر الى وطننا الكويت، فأنا شخصيا أكاد لا أرى اشراقة قادمة، فيأخذني حينها الحزن.
الاستثمار في كل انواعه ومجالاته لا يستطيع ان يضاهي الاستثمار البشري الذي بيده ان ينمي كل شيء في كل المجالات. المستقبل هو ابناؤنا، والقادم هو مستقبل وطننا، وطريق النجاة هو تحدي المستقبل عن طريق استثمار ابناء الكويت. فعلينا تنمية المهارات لبناء كادر وطني وصنع جيل يقود ويرتقي بالوطن بالتقدم والعلم وليس عن طريق التفكير بالتجنيد او ما شابه ذلك، تلك الافكار الهدامة والرجعية التي لا اعلم من أي فم رجعي خرجت! وبأي مقياس قيست، وهل تم اخذ عامل متغيرات الزمن بعين الاعتبار عندما تم طرح الفكرة؟ فمن الفشل ان تصبح افكار التجنيد وما شابهها اولويات استراتيجية.
يؤسفني بشدة أن اضرب مثالا في اسرائيل، وهي قطعة الأرض المغتصبة من قبل مجموعة منظمة من البشر يجمعهم دين وتعاليم، حتى جعلوا من تنظيمهم دولة متقدمة ومتطورة، وصنعوا من ابنائهم جيلا يستطيع ان يقود بلدانا ومنظمات ليست فقط اسرائيل. ابحثوا عن اسرائيل وأين هي من مصاف دول العالم، وهي دولة الأمس القريب! لا أقصد هنا أي جانب عقائدي، بل الاستثمار البشري. ولماذا اسرائيل؟ لان عمرها صغير ومثال حي لنا بأننا نستطيع ان نجتهد بأقل من عمرها لنحصل على نتائج.
وزارة التربية والتعليم العالي ليست لديها أي خطة نحو المستقبل، بالرغم من انها تبتعث الالاف، ولكن ما فائدة هذا كله بلا استراتيجية؟ وكيف تأتي الاستراتيجية؟ من لجان في هذه الوزارة تحارب المواطن من التقدم العلمي للحصول على دراسات عليا. أما التعليم في المراحل المدرسية في الكويت فيحتاج الى اعادة تأهيل وليس مجرد مدرسة و«حشو». فلا استغرب عدم تضارب الخطط، فهناك تناسب بين عدم وجود استراتيجية حقيقية في التعليم وخطة الدولة وجاهزيتها للتجنيد!
عبدالرحمن الهداد الشمري
المصدر