لا يوجد كائن حي يقوى على منافسة الجمل بقدرته على التحمل ولا شك بأن العرب وغيرهم عرفوا هذا الشيء منذ العصور الغابرة ، واعتمدوا على الجمال لضمان حياتهم وكان من يمتلك جمل يعتبر غنيا ومن يمتلك أكثر يزداد غناه أكثر فأكثر ، والمهم بأن الجمل كان وما زال كائن حي له قيمة عالية جداً ويضاهي كافة المخلوقات قيمة وإن كان للبعض مذاهب في حبهم لكائنات أخرى تتصف بصفات مشتركة مع البشر أو بعضهم مثل أن يقال فلان ( طير شلوى ) أو فلان ذيب وفلان سبع وغيرها الكثير حتى أن حكماء العرب وحدهم الحكماء قالوا بأن فلان جملاً أو إنه لرجل كالجمل وهنا تبرز أهمية أن نستقي من العرب والذين أرتبط وصفهم بالشجاعة والبسالة والكرم ما قيمة أن يكون الرجل كالجمل ؟ بالنسبة لي لا مشقة فوالدي حفظه الله ورعاه يملك الكثير من الجمال بل وأطيبها وأعلاها قيمة وقد علمت بأهمية تلك الجمال أكثر من موقف سمو الشيخ سالم العلي أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية حين طلب من والدي أحد أهم جِماله ليضيف سموه على ( جِماله ) تلك قيمة على القيمة الرفيعة لها والمعروفة لدى الجميع ولحسن الحظ أن والدي قد استنسل من ذلك الجمل قبل أن يعطيه لسمو الشيخ سالم العلي ، عدة مواليد من الإناث وهي النوق إلا أن جملا واحدا كان من ضمن تلك المواليد وهو ما يسمى بلغة أصحاب الحلال ( حوار ) وبسبب معزة أبي لذلك الجمل الأب أحب أن يهدي هذا الحوار لأعز الناس عنده وهو إبنه وكنت أنا ولله الحمد ولكني كنت خائفا جداً على ذلك الجمل من ( الضواري ) فقلت لوالدي بنبرة حزينة كيف لنا أن نتركه هكذا في الصحراء لوحده ألا يجب أن نخشى عليه من الضواري الغادرة ؟ هنا ضحك والدي كثيراً وقال لي : لا تخشى عليه أبدا فإن الضواري وإن اشتدت قوتها وضراوتها فهي لا تقوى على الجمال أبداً ، هنا وثقةً بخبرة أبي ارتحت كثيراً وأعجبتني جملته الرائعة بأن ( الضواري وإن اشتدت قوتها وضراوتها فهي لا تقوى على الجمال ) ولكنه بهذه الأثناء طلب مني أن أطلق إسما على ذلك الجمل وهنا لم أتردد أبدا بأن أطلق عليه اسم ( الناصر ) تيمنا بشخص يعرف عنه أعداؤه قبل أصدقاؤه بأنه أخذ الصفة الأصيلة للجمل وهي قوة التحمل والقدرة على حمل ما لا يقوى الكثير على حمله وبصمت يحير البعض ويزيدهم غيضاً ، للناس مذاهب فيما يحبون ويعشقون فمنهم من يحب السباع ومنهم من يحب الجوارح من الطيور بل ومنهم من يحب الطيور كالحمام والدجاج وغيرها ولكني من الذين يحبون الناصر وأقصد الرجال التي تتصف بالناصر وبتلك الجمال الأصيلة والتي عرف أسلافنا قيمتها ووضعوا لها مكانة تليق بها فكيف بالرجال الأصيلة التي تتصف بأجمل صفاتها؟
المصدر