أشعر أن هناك مؤامرة على شوارعنا.. وما إن نفرح بالسفلتة حتى يتم تقطيع أوصالها، فتبدأ شركة المياه بالحفر حتى نصف الشارع وكأنها تشق فرعا لقناة السويس. ثم يأتي دور شركة الكهرباء في تشويه الشارع كلما سكن جار جديد بغرض إيصال التيار الكهربائي إليه، وبعدها مقاولو الهاتف لتستمر معاناة الشارع باتصال دون انقطاع!.
والأمور ستكون أسوأ إذا ما اكتشفت إحدى الشركات خطأ بالتمديدات، أو نسيت معدة لها في باطن الأرض وعادت من جديد، كطبيب نسي قطعة ما في بطن مريضه!.
لم لا تحترم شوارعنا بتخصيص قناة على طرفها تكون مخصصة للخدمات بدل هذه العشوائية والتشويه المستمرين، وتكون قابلة للفتح عند الحاجة إلى أعمال صيانة أو تمديدات جديدة؟!
وجود قنوات خدمات في الشوارع يوفر على شركات الخدمات بعض التكاليف، إذ يغنيها عن أعمال الحفر ثم الردم والسفلتة من جديد لمنطقة العمل، ويختصر عليها بذلك مدة عمل المشروع، هذا من الناحية الاقتصادية.
كما يحفظ الطبقة الإسفلتية من الترقيع، ويضمن أيضا عدم الإزعاج المتكرر للسكان بأعمال الحفر، وهي أيضا أكثر أمنا للناس ـ خاصة الأطفال ـ من حفر خدمات مكشوفة، وكثيرا ما سمعنا عن سقوط أشخاص ومركبات في حفر أحدثها مقاول إحدى الشركات الخدمية.
أصبح السير في بعض الشوارع أشبه ما يكون بتعرض ركاب طائرة لمطبات جوية عنيفة من كثرة الترقيع الذي طاله، ولا أبالغ إن قلت إن بعضها يصلح أن يكون درسا في التضاريس الجغرافية!.
كتبت قبل ثلاثة أعوام مقالا مماثلا تحدثت فيه عن "مأساة شارع"، وكيف تعامل معه مقاولو شركات الخدمات العامة بقسوة، وطالبت حينها بوضع مجرى دائم أو نفق محكم للخدمات بكل شارع بدلا من الوضع القائم. وما لاحظته أن وتيرة الترقيع زادت بعد ذلك المقال، بل إن بعض المقاولين أصبح يكتفي بردم ما أحدثه في الشارع بالرمل دون سفلتة!.
أخشى إن كتبت في هذا الموضوع مرة ثالثة أن يقوم المقاول بأعمال الحفر، ثم يترك ما أحدثه مكشوفا حتى دون ردمه بالرمل!.
المصدر