• ثقافة المجتمعات هي التي تقلل خطر الأدوات الموجودة.
قبل فترة قصيرة بما يقارب اسبوعين حصل حادث غريب من نوعه في ولاية إيداهو الأميركية، حيث أقدم طفل ذو عامين بلا وعي ولا إدراك على إطلاق الرصاص على أمه في سوق عام بواسطة السلاح الذي كانت تمتلكه في حقيبتها الخاصة أينما تذهب، فانتهى به الأمر إلى قتل والدته. أثرت هذه الحادثة في المجتمع الأميركي وأثارت الرأي العام، واختلفت الآراء ووجهات النظر حول الاسباب التي أدت لهذا الأمر وفي الواقع لم تختلف وجهات النظر كثيرا.
الغريب ليس الحادث النادر من نوعه، بل ردة فعل المجتمع وآرائه وكيف يمارس دوره في تثقيف أبنائه. بعد الحادث بأيام قليلة أجرت محطة إذاعة الـ {بي بي سي} برنامجا حواريا. أغلب من شارك في البرنامج هم من فئة الأمهات وبعض الآباء من المجتمع الأميركي. وقد سُئلوا عما إذا كانوا يعتقدون ان الحادث سببه امتلاك الأسلحة الخاصة، وإن كانوا أنفسهم يحملون أسلحة خاصة، وهل امتلاكها يؤدي إلى مأساة كما حدث في إيداهو. كانت أغلب الآراء هي أن السلاح أداة حماية وامتلاكه أمر طبيعي ومهم، وهو أداة قاتلة تماماً كغيرها من أبسط الأدوات القاتلة التي توجد في كل منزل وكل مكان نراها ونتعامل معها باستمرار وبعضها في متناول أيدي أبنائنا. أضافوا ان بعض الأمهات يمتلكن الأسلحة ويعلمن أبناءهن كيف يستخدمونها لحماية أنفسهم والخطر يكمن فقط في جهل التعامل مع تلك الأدوات.
ثقافة المجتمعات هي التي تقلل خطر الأدوات الموجودة. على سبيل المثال لا الحصر السيارة مثلا. نحن مازلنا نفتقد الثقافة لتقليل مخاطر السيارة التي أودت بحياة الكثيرين وأدت إلى مآس. مازالت الرخصة هي أسهل شيء نحصل عليه بلا أدنى ثقافة تجعل من الرخصة أمرا صعبا تتطلب ثقافة عالية لحماية أنفسنا. ونفتقد كثيراً ربط حزام الأمان، وجلوس الأطفال في المقاعد الخلفية وتوفير مقاعد مخصصة للأطفال الرضع. وغيرها من الأمور البسيطة التي من المفترض أن نطبقها كاستخدام مطفئة الحريق وتعليم أبنائنا عليها. خطر الأدوات لا يكمن فقط في المسميات التي نخافها، بل الخطر كل يوم يحدق بنا من خلال الأدوات التي نستهين بها، لأننا مجتمع اعتاد على احتمال السلامة. فهل نملك ثقافة المجتمع الأميركي في تثقيف أنفسنا وحماية أطفالنا؟!
* * *
علمت أن وزارة الصحة ستطبق خطة في أن يكون في كل منزل شخص مدرب ومؤهل لعمل الاسعافات الأولية، نشكرهم على ذلك حتى لو كانت مجرد خطة تبقى إلى الأبد كغيرها من الخطط العالقة!.